هو الإمام الحافظ الجهبذ، شيخ المحدثين، أبو زكريا ، يحيى بن معين بن عون بن زياد بن بسطام . وقيل : اسم جده غياث بن زياد بن عون بن بسطام الغطفاني ثم المري ، مولاهم البغدادي ، أحد الأعلام .
ولد سنة ثمان وخمسين ومائة .
قال أحمد بن زهير : ولد يحيى في سنة ثمان وخمسين ومائة قلت : وكتب العلم وهو ابن عشرين سنة .
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم : سئل أبي عن يحيى ، فقال : إمام .
وقال النسائي : أبو زكريا أحد الأئمة في الحديث ثقة مأمون .
قال ابن المرزبان : حدثنا أبو العباس المروزي ، سمعت داود بن رشيد يذكر أن والد ابن معين كان مشعبذا من قرية نحو الأنبار ، يقال لها "نقيا" ويقال : إن فرعون كان من أهل نقيا . قال العجلي : كان أبوه معين كاتبا لعبد الله بن مالك .
وقال ابن عدي : حدثني شيخ كاتب ذكر أنه قرابة يحيى بن معين ، قال : كان معين على خراج الري ، فمات ، فخلف ليحيى ابنه ألف ألف درهم ، فأنفقه كله على الحديث حتى لم يبق له نعل يلبسه .
قيل له : يا أبا زكريا ، من أي العرب أنت ؟ قال : أنا مولى للعرب . قيل : أصل ابن معين من الأنبار ، ونشأ ببغداد ، وهو أسن الجماعة الكبار الذين هم : علي بن المديني ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، وأبو خيثمة ، فكانوا يتأدبون معه ، ويعترفون له ، وكان له هيبة وجلالة ، يركب البغلة ، ويتجمل في لباسه ، رحمه الله تعالى
عبد الخالق بن منصور ، قلت لابن الرومي : سمعت أبا سعيد الحداد ، يقول : لولا يحيى بن معين ، ما كتبت الحديث . قال : وما تعجب ! ! فوالله لقد نفعنا الله به ، ولقد كان المحدث يحدثنا لكرامته ما لم نكن نحدث به أنفسنا.
ولقد كنت عند أحمد فجاءه رجل ، فقال : يا أبا عبد الله ، انظر في هذه الأحاديث ، فإن فيها خطأ . فقال : عليك بأبي زكريا ، فإنه يعرف الخطأ .
قال عبد الخالق : فقلت لابن الرومي : حدثني أبو عمر وأنه سمع أحمد بن حنبل، يقول : السماع مع يحيى بن معين شفاء لما في الصدور .
علي بن سهل : سمعت أحمد في دهليز عفان ، يقول لعبد الله بن الرومي : ليت أن أبا زكريا قدم ، فقال : ما تصنع به ؟ قال أحمد : اسكت هو يعرف خطأ الحديث .
وبه إلى الخطيب : أخبرنا الصيرفي ، حدثنا الأصم ، سمعت الدوري ، يقول : رأيت أحمد بن حنبل في مجلس روح سنة خمس ومائتين ، فيسأل يحيى بن معين عن أشياء ، يقول : يا أبا زكريا ، ما تقول في حديث كذا ؟ وكيف حديث كذا ؟ فيسْتَثْبِتُه في أحاديث قد سمعوها . فما قال يحيى : كتبه أحمد . وقلما سمعه يسمي يحيى باسمه، بل يكنيه.
أحمد بن حنبل ، يقول : هاهنا رجل خلقه الله لهذا الشأن ، يظهر كذب الكذابين ، يعني : ابن معين .و يقول : كل حديث لا يعرفه يحيى بن معين ، فليس هو بحديث .
ابن عدي : حدثنا يحيى بن زكريا بن حيويه ، حدثنا العباس بن إسحاق ، سمعت هارون بن معروف ، يقول : قدم علينا شيخ فبكرت عليه ، فسألناه أن يملي علينا ، فأخذ الكتاب ، وإذا الباب يدق ، فقال الشيخ : من هذا ؟ قال : أحمد بن حنبل فأذن له ، والشيخ على حالته لم يتحرك . فإذا آخر يدق الباب ، فقال : من ذا ؟ قال : أحمد الدورقي فأذن له ، ولم يتحرك ، ثم ابن الرومي فكذلك ، ثم أبو خيثمة فكذلك ، ثم دق الباب ، فقال : من ذا ؟ قال : يحيى بن معين . فرأيت الشيخ ارتعدت يده ، وسقط منه الكتاب .
جعفر الطيالسي : سمعت ابن معين ، يقول : لما قدم عبد الوهاب بن عطاء ، أتيته ، فكتبت عنه ، فبينا أنا عنده ، إذ أتاه كتاب من أهله ، فقرأه ، وأجابهم ، فرأيته ، وقد كتب على ظهره : قدمت بغداد ، وقبلني يحيى بن معين . والحمد لله رب العالمين .
قال أبو عبيد الآجري : قلت لأبي داود : أيما أعلم بالرجال يحيى أو علي ؟ قال : يحيى ، وليس عندي من خبر أهل الشام شيء .
قال عبد المؤمن النسفي : سألت أبا علي صالح بن محمد : من أعلم بالحديث يحيى بن معين أو أحمد بن حنبل ؟ فقال : أحمد أعلم بالفقه ، والاختلاف ، وأما يحيى ، فأعلم بالرجال والكنى
وقال أبو الحسن بن البراء : سمعت ابن المديني ، يقول : ما رأيت يحيى استفهم حديثا قط ولا رده .
بكر بن سهل : حدثنا عبد الخالق بن منصور ، قلت لابن الرومي : سمعت بعض أصحاب الحديث يحدث بأحاديث يحيى ، ويقول : حدثني من لم تطلع الشمس على أكبر منه . فقال : وما تعجب ؟ سمعت علي بن المديني ، يقول : ما رأيت في الناس مثله .
قال يحيى : ما رأيت على رجل خطأ إلا سترته ، وأحببت أن أزين أمره ، وما استقبلت رجلا في وجهه بأمر يكرهه ، ولكن أبين له خطأه فيما بيني وبينه ، فإن قبل ذلك ، وإلا تركته .
وقال ابن الغلابي : قال يحيى : إني لأحدث بالحديث فأسهر له مخافة أن أكون قد أخطأت فيه .
هذه نبذة بسيطة و باختصار و حذف الاسانيد حتى لا اطيل على القارئ فيمل